والحكمةالتي قد لا يدركها الكثير من الناس ، من عدم وضوح النصوص النبوية ، هوبقاء نسبة ضئيلة من الشك ، لحرمان الناس ذوي العلاقة من الدافع لتعطيلمجريات الأمور ، إذ لا بد للأسباب والمسببات أن تأخذ مجراها ، من حيثالزمان والمكان والشخوص ، حتى تتحقق النبوءات كما تم الإخبار عنها .
ولنافي قصة فرعون مع موسى عليه السلام خير مثال على ما قد يفعله المجرمونلتعطيل أمر الله ، عندما أمر بذبح مواليد بني إسرائيل كافة ، لمجرد رؤيامنام علم من تأويلها ، بأن واحدا منهم سيكون سببا في تقويض أركان ملكه ،ورغم ما اتخذه من إجراءات وتدبيرات احترازية لحرمان هذا الطفل من الحياة ،إلا أن مكر الله كان أعظم وأكبر ، وبالرغم من قدرته سبحانه على منع فرعونمن إيذائه دون تدخل بشري ، إلا أنه أوحى لأم موسى بأن تتخذ من الأسباب ،ما هو كفيل بتحقيق المراد الإلهي .
هذاما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجرد رؤيا منام ، فماذا لو أتاه نص صريحبأن الذي سيقوض أركان ملكه ، هو ذلك الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ،فهل كان فرعون سيتخذه ربيبا ، أم ماذا سيفعل به ؟
وللناسمن أمر النبوءات الواردة في القرآن والسنة مواقف شتى ، فمنهم من لا يرغببالفهم ، ومنهم من ليس لديه القدرة على الفهم ، ومنهم من يعتقد بأن لاجدوى من البحث في أمرها ، ومنهم من يحاكمها بناء على أهواءه وأحلامه ،فيأخذ ما اتفق وينكر ما اختلف . ولذلك تجد بعض الناس ، عند الحديث عنالمستقبل ، يقول مستنكرا لا يعلم الغيب إلا الله .
ونحنكمسلمين مطلوب منا أن نؤمن بالغيب المخبر عنه في القرآن والسنة ، لقولهتعالى ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3 البقرة ) ، وأعظم الغيب هو وجود الله ، ونحنوآباؤنا لم نعلم بوجود الله ولم نعرفه حق المعرفة ، ولم نعلم باليومالآخر وما سيجري فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ، إلا من خلال القرآنالموحى به من عند الله جل وعلا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، وما دمناآمنا بالله وباليوم الآخر من خلال كتابه ، فما لنا لا نؤمن بما سواها منأخبار الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته